محمد شياع وبناء الوطن

فاضل ابو رغيف

12/03/2024
تكبير الخط
تصغير الخط

محمد شياع وبناء الوطن
حينما يكتب المعاصرون عن سيرةِ الرؤوساء والملوك لبلدانهم عادةً مايكتبون تحت نيرِ القهرِ والخوف والتوجس، لكن الأمر هنا قد يكونَ مغايراً حينما يتم الكتابة بنحوٍ منصف عن خطٍ رفيعٍ تضخم شعاعه وهو محملاً بمنحزاتٍ يصعب عدها ويضيق المقام بذكرها، اتصل بي قبل ثلاثة أيام صديقٌ لي كان حديثنا حول محمد شياع السوداني، فقلتُ لهُ أنها أتى بأعمالٍ لم يأتِ بها من سبقوه ، فقد تلمس الجرح بلطفٍ ولين، فهو يعي ملياً مالذي يحتاجه البلد ، وهنا بدأتُ أحصي له عشرات المنجزات وووو، وهنا قاطعني صاحبي ، أتعرف لِمَ نجح السوداني بهذهِ الأنجازات؟!، هنا سكتُ وانا مُصغٍ له كي أعرف السبب، فقال لي أنهُ أول رئيس وزراء عاش همومنا وتماهى مع كبدنا أبان أحلك حقبة عصفت بالعراق، وتناول من نفس الطحين المليء بنشارةِ الحديد والشوائب، وعاش تحت أرعاب وارهاب سلطة البعث الدامية ، ومن هنا كان إبداعه، عندها أيقنتُ دقة تشخيص صديقي ، ولأني أعرف السوداني عن كثب، فأني خبرته أنه سهلٌ ممتنع هشٌ بشْ، شغلَ وزارات كانت حينها الظروف شائكة غير مستقيمة ، بيد ان الوضع السياسي كان مشحوناً بالاحتقان والوضع الأمني كان يهدد كيان الدولة بهدِ أركانها، ورغم متاهة مايجري، إلا أن السوداني نجحَ بشكلٍ بيّن ظهرت بوادره سيما بوزارة العمل حينها ، ابا مصطفى نشأ من رحمِ ظروفٍ لم تكن معقدة فقط، بل أنها كانت تشي بان الرجل الذي قام نظام البعث بقتلِ وإعدام والده ليضعه تحت رقابة مشددة ويضيق الحياة عليه، إلا ان المعاناة وهي تخلق الإبداع ، فقد توالدت الهموم عنده وهو يمخر عُباب الحياة ويشق طريقه بأسلوبٍ رشيقٍ ومرن ، فتأتي دائرة الحياة لتضع اختيارها له ويصبح رئيساً لوزراء العراق، وهنا قطعاً سيستحضر الرجل جميع الآلام والحاجات التي تعتري المواطن بدءً من الإعمار للخراب الذي لحق بالبلد وإنتهاءً بحاجة المواطن لقوتهِ وطعامه، فقد عامد بين الحاجتين ( أعمارٌ تحت تحديات المناكفات والتهديدات وبين دخل المواطن وسط تباين أسعار صرف الدولار وضمان بقاء المواد الغذائية بعيداً عن هذا التأزم)، وهنا تبرز قدرة ابا مصطفى ، على خلقِ حالة توازن بيًنة تستلزمها هذه الأزمات ذات المتاهات المعقدة بكل قياساتها، الرجل بشخصيتهِ المنيعة وروحه الشفافة وأسلوبه المرن، قَبل هذا التحدي المزروع بأشواكٍ المكائد وبأفخاخِ الفاسدين الذين لم يرق لهم وجود رجل يشكل خطراً داهماً على وجودهم وديمومة اعوجاج برامجهم المليئة بالشبهات، فقد مزق البروباغندا التي كانوا يتأبطونها وهو يضرب على خياشيم أوغادهم، ومن هنا تولد فريق منهم لمحاربتهِ كي يضع العصي في عجلةِ تقدمه ، لكن لم يأبه او يكترث لهم وزاد عليهم وجعاً وايلاماً عبر ادارته لماكنة العمل دون ضجر فأطلق شعار حيّ على العمل، منتقياً فريقاً وكابينة ناجحة إلى حدٍ ما، لكن مايميزه ان يباشر الأعمال بنفسهِ دون تركها لفريقهِ فقط، وهذه هي أحد أيقونات ومسببات نجاحه، أبن الجنوب، السوداني سيصبح ماركة سيؤرشفها اي منصف دون مواربة وعلى المتابع أن يفعّل قاعدة ان الخلاف لايمنع الإنصاف ، وان يقول كلمة عدلٍ وانصاف ويمضي .

المزيد من مقالات الكاتب