العراق يقترب من امتلاك نظام الدفاع الجوي الكوري الجنوبي “KM-SAM-II”

أمن

09:19 - 2025-07-11
تكبير الخط
تصغير الخط

اليوم الاخبارية - بغداد
أكدت وزارة الدفاع العراقية أن منظومة الدفاع الجوي الكورية الجنوبية “تشونغونغ-2 (KM-SAM Block II)” ستصل قريباً إلى العراق، ضمن صفقة تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار وُقعت مع شركة LIG Nex1 في سبتمبر 2024.
ووفقاً لتقارير صادرة عن كل من العراق وكوريا الجنوبية، يُتوقع تسليم أولى الوحدات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأوضح وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي أن جدول التسليم خضع لمراجعة بما يتماشى مع أولويات العراق الوطنية واحتياجاته التشغيلية.
وتشمل الصفقة ثماني بطاريات من منظومة KM-SAM-II، وتأتي في إطار توجه العراق المتزايد نحو تنويع مصادر تسليحه بعيداً عن الموردين الروس، خصوصاً في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، الذي أظهر مشكلات تتعلق بالموثوقية وسلاسل الإمداد. وفي 5 يوليو 2025، أكد اللواء تحسين الخفاجي، مدير الإعلام والتوجيه المعنوي ونائب رئيس خلية الإعلام الأمني، أن عملية التسليم تسير دون عقبات، مشدداً على أن تعزيز الدفاع الجوي يُعد من أولويات الأمن القومي للحكومة الحالية.
تُصنف منظومة KM-SAM Block II كمنظومة متوسطة المدى لاعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية، وتضم كل بطارية بين أربع إلى ست قواذف متنقلة، تحتوي كل منها على ثمانية صواريخ، إلى جانب رادار متعدد المهام ومركبة قيادة وتحكم.
ويعتمد الرادار على تكنولوجيا S-400 الروسية، وهو من نوع X-band ثلاثي الأبعاد بتقنية المسح الإلكتروني السلبي (PESA)، بزاوية تغطية تصل إلى 80 درجة ومعدل دوران 40 دورة في الدقيقة، وقادر على كشف الأهداف ضمن مدى 100 كلم وتتبع ما يصل إلى 40 هدفاً في الوقت ذاته.
أما الصاروخ الاعتراضي، فهو يستخدم تقنية “الضرب للقتل” (hit-to-kill)، يعتمد على توجيه بالقصور الذاتي، وتحديثات أثناء الطيران عبر وصلة بيانات، وتوجيه راداري نشط في المرحلة النهائية.
وتصل سرعته إلى 5 ماخ، ويغطي ارتفاعات تصل إلى 20 كلم، بمدى يصل إلى 50 كلم. وقد بدأ تطوير هذه المنظومة عام 2001، واكتملت نسختها الأولى في 2011، والثانية (Block II) في 2017، بينما بدأ العمل على النسخة الثالثة (Block III) عام 2024، وتتميز برادار AESA ومدى أطول.
وتستخدم كوريا الجنوبية هذا النظام ضمن بنيتها الدفاعية متعددة الطبقات، بديلاً عن منظومة “هوك Hawk” الأميركية القديمة. ويصبح العراق ثالث دولة في المنطقة تتعاقد على هذه المنظومة بعد الإمارات عام 2022 والسعودية في شباط 2024.
وتُعد هذه الصفقة أكبر عملية تسليح في مجال الدفاع الجوي منذ إعادة بناء الجيش العراقي بعد عام 2003. وكانت الخلافات قد ظهرت بين شركتي LIG Nex1 المنتجة للمنظومة، ومجموعة Hanwha الموردة للقواذف والرادارات والعربات، حول جدول التسليم. إلا أن سلسلة اجتماعات عقدت في الجمعية الوطنية الكورية في تشرين الاول 2023، تلتها محادثات مباشرة بين قيادات Hanwha Aerospace وLIG Nex1 أوائل 2025، ساعدت في تجاوز العقبات.
وبحلول تموز 2025، أفاد مسؤولون كوريون بأن التحضيرات أوشكت على الانتهاء، وأن تسليم الدفعة الأولى سيتم ضمن الأولويات. وتشمل الصفقة أيضاً برامج تدريب وبنية تحتية للدعم، وتندرج ضمن خطة استراتيجية شاملة وضعتها وزارة الدفاع العراقية لبناء شبكة متكاملة للدفاع الجوي. وقد نشرت الوزارة مقطع فيديو على يوتيوب يوضح الأسباب وراء اقتناء المنظومة، لا سيما قدرتها على التصدي لطيف واسع من التهديدات الجوية وتوافقها مع متطلبات حماية المجال الجوي العراقي.
هذا التوجه يعكس انتقال العراق بعيداً عن الاعتماد على الأنظمة الروسية، والتي بات تشغيل بعضها صعباً. فالعراق كان قد حصل على منظومات Pantsir-S1 من روسيا عام 2014، ودرس إمكانية التعاقد على منظومات S-300 أو S-400 لاحقاً، غير أن العقوبات الأميركية المحتملة بموجب قانون CAATSA، ومشكلات الموثوقية، حالت دون ذلك.
كما يواجه العراق تحديات في تشغيل مروحيات Mi-17 الروسية القديمة، والتي تستبدل الآن بـ12 مروحية فرنسية من طراز Airbus H225M Caracal. وتدفع هذه الصعوبات العراق نحو تنويع مصادر التسلح، وهو ما انعكس في صفقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، منها اتفاقيات تم توقيعها في نيسان 2024 مع الحكومة الأميركية لتوريد معدات طيران ودفاع جوي بقيمة تقترب من نصف مليار دولار، خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن، والتي التقى خلالها الرئيس جو بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن، حيث ناقش الطرفان سبل تعزيز بنية الجيش العراقي، والتعاون مع شركة General Dynamics في مجال المركبات المدرعة.
وتُدمج منظومات KM-SAM ضمن شبكة متعددة الطبقات، تشمل أنظمة قائمة بالفعل. فبحسب معطيات عام 2023، يمتلك العراق 24 منظومة Pantsir-S1 روسية، ونحو 100 نظام Avenger (AN/TWQ-1) أميركي، إلى جانب منظومات محمولة على الكتف من طراز Igla-S السوفيتية.
ولا تزال بعض وحدات الدفاع الجوي تستخدم أنظمة مدفعية تقليدية مثل ZU-23-2 وS-60. ويُستخدم نظام Avenger بشكل أساسي للدفاع النقطي ضد الطائرات بدون طيار، إلا أنه يفتقر إلى التدريع. وقد طوّر العراق من قدراته الرادارية بإضافة رادارات GM403 الفرنسية، ونظام TPS-77 الأميركي من شركة لوكهيد مارتن، كما وُقعت عقود لشراء رادارات كورية جنوبية جديدة لتعزيز التغطية على كافة الارتفاعات. وتتوقع الجهات العراقية أن يؤدي دمج منظومات “تشونغونغ-2” (Cheongung-II) مع هذه الرادارات إلى تحسين كبير في تغطية المجال الجوي وقدرات الاعتراض، وفقاً للواء الخفاجي، الذي أوضح أن المنظومات الجديدة ستُستخدم لاعتراض الأهداف الجوية ودعم هيكل القيادة والسيطرة للدفاع الجوي الوطني.
وقد لقيت جهود العراق في هذا المجال دعماً إقليمياً من الإمارات والسعودية، اللتين ترتبطان بشراكات دفاعية مع كوريا الجنوبية وساهمتا في تعزيز استقرار البنية الدفاعية في المنطقة. فقد حصلت الإمارات على منظومات M-SAM وأجرت تدريبات مع شركات كورية، بينما أبرمت السعودية صفقة بقيمة 3.2 مليار دولار لشراء 10 بطاريات KM-SAM Block II، في إطار سعي البلدين إلى تقليص الاعتماد على المزودين الغربيين وتطوير التصنيع المحلي ضمن مبادرات مثل “رؤية السعودية 2030”.
انضمام العراق إلى مستخدمي هذا النظام ينسجم مع هذه التوجهات الإقليمية، وقد يفتح المجال لتعاون ثلاثي في مجالات التدريب والدعم اللوجستي والتقني، خاصة في تشغيل الرادارات وإدارة المجال الجوي.

أخبار ذات صلة