اليوم الأخبارية - متابعة
بدأ قطاع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية يُظهر علامات الانهيار تحت وطأة استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض، وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المناهضة لمصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب الرسوم الجمركية المرتفعة.
وأحدث الضحايا كانت شركة "صن نوفا إنرجي إنترناشيونال" (Sunnova Energy International) المتخصصة في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، والتي تقدمت بطلب لإشهار إفلاسها يوم الإثنين.
ويأتي هذا الانهيار بعد أسبوع فقط من تقدم شركة "سولار موزاييك" (Solar Mosaic)، إحدى أكبر شركات الإقراض في سوق معدات الطاقة الشمسية التي يتم تركيبها على أسطح المنازل، بطلب مشابه للحماية من الدائنين بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس.
ولا تقتصر الأزمات على شركات الطاقة الشمسية المنزلية فقط، إذ أُلغيت أو تأجلت استثمارات تفوق قيمتها 14 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية منذ بداية العام الجاري، وفقاً لتحليل حديث أجرته شركة "إي2" (E2)، وهي مجموعة غير حزبية معنية بالدفاع عن الطاقة المتجددة والسياسات البيئية.
وتأتي هذه التحديات التمويلية في توقيت حرج لقطاع الكهرباء في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تُسابق شركات المرافق الزمن لمواكبة الارتفاع الكبير في الطلب الناتج عن مراكز البيانات التي تُشغل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويقول المدافعون عن مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين البطاريات إن هذه الخيارات أسرع وأقل تكلفة في التنفيذ مقارنة بمصادر التوليد التقليدية، إلا أن الدعم الذي تقدمه إدارة ترامب للوقود الأحفوري يُهدد حصة الطاقة المتجددة في السوق.
وتبدو التوقعات بالنسبة لقطاع الطاقة الشمسية المنزلية قاتمة على وجه الخصوص، وتقدم الجمهوريون في مجلس النواب بمشروع قانون من شأنه إلغاء الإعفاءات الضريبية الفيدرالية على الألواح الشمسية، والتي نص عليها قانون المناخ الذي أقره الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.
وقال محللون ومديرون تنفيذيون إن إلغاء هذه الحوافز -الذي ما يزال قيد النقاش حالياً في مجلس الشيوخ- من شأنه أن يُدمر السوق ويجمّد الاستثمارات.
في مذكرة بحثية، كتب المحلل في شركة "روث كابيتال بارتنرز" (Roth Capital Partners)، فيل شين، أن "إلغاء الإعفاءات الضريبية سيؤدي إلى اختفاء ما لا يقل عن نصف سوق الطاقة الشمسية السكنية".
وبدأت مشكلات "صن نوفا"، إحدى أكبر الشركات في هذا المجال، قبيل عودة ترامب إلى الحكم، إذ تراكمت ديوناً مؤسسية ضخمة عليها، كان الكثير منها قابل للتحويل إلى أسهم ولم تتمكن من سدادها بعد أن تباطأت المبيعات.
ورغم محاولاتها لخفض التكاليف وإعادة هيكلة أعمالها، لم تُحقق النتائج المرجوة، كما أن احتمالية انتهاء الدعم الفيدرالي زادت من حذر المستثمرين المحتملين تجاه مستقبل الشركة.
وقال المحلل في شركة "غوغنهايم سيكيوريتيز" (Guggenheim Securities)، جو أوشا: "قطاع الطاقة الشمسية المنزلي لديه تاريخ طويل من الشركات التي تواجه صعوبات مالية. نموذج الأعمال بأكمله قائم على القدرة على جمع رؤوس الأموال وتركيب الأنظمة على أسطح المنازل وتوليد تدفقات نقدية تُرضي مزودي رؤوس الأموال من الجهات الخارجية وتُبقي شيئاً من الربح للشركة".
اقتراض "صن نوفا" من المؤسسات تم خلال فترة اتسمت فيها آفاق الطاقة الشمسية بالإيجابية. كما حصلت الشركة خلال 2023 على ضمان جزئي لقرض بقيمة 3 مليارات دولار من إدارة بايدن لدعم قروض الطاقة الشمسية للأسر محدودة الدخل، لكن الجزء الأكبر من هذا الضمان تم إلغاؤه قبل أن تتقدم الشركة بطلب الحماية من الإفلاس.
وأدى تباطؤ المبيعات وتأخر المدفوعات للموزعين إلى تراجع ثقة السوق في الشركة. في مارس الماضي، استقال مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي، جون بيرغر، بعد أن حذرت الشركة من احتمال عدم قدرتها على الاستمرار. قبل إشهار الإفلاس، كانت أسهم الشركة قد فقدت أكثر من 90% من قيمتها منذ بداية العام، لتُصبح قيمتها السوقية 27.5 مليون دولار فقط.
وذكر محلل شركة "جيفريز" (Jefferies)، جوليان دومولين سميث: "لقد تعثروا بسبب الاستدانة وسط نشاط شديد التقلب".
تُعد طلبات الحماية من الإفلاس التي تقدمت بها "صن نوفا" و"سولار موزاييك" الأحدث في سلسلة من الانهيارات التي ضربت شركات الطاقة الشمسية على المستوى الوطني. في العام الماضي، تقدمت شركة "صن باور"، أحد أبرز الأسماء في القطاع، بطلب الحماية من الإفلاس بموجب الفصل 11.
أما قبل ذلك بعدة سنوات، فاستحوذت شركة "تسلا" على شركة "سولار سيتي" (SolarCity) بعد أن تراكمت عليها ديون ضخمة.
اختتم أوشا بأن استراتيجية "صن نوفا" التي ركزت على النمو أكثر من توليد السيولة واجهت عراقيل كبيرة عندما ارتفعت أسعار الفائدة، وقررت ولاية كاليفورنيا -أكبر سوق للطاقة الشمسية السكنية- تقليص الحوافز قبل عامين.