حديث التسوية في أوكرانيا

عربي ودولي

11:22 - 2025-06-06
تكبير الخط
تصغير الخط

اليوم الأخبارية - متابعة
في مطلع العام الحالي راجت الآمال في إمكان التوصل لتسوية للحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من 3 سنوات، ولم تنشأ هذه الآمال من فراغ، وإنما تزامنت مع بدء ولاية دونالد ترامب الثانية، والذي كان قد ركز في حملته الانتخابية على أنه الوحيد القادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وأنه لو كان قد استمر رئيساً بعد ولايته الأولى لما نشبت هذه الحرب أصلاً.
والواقع أن هذا القول ليس بلا أساس، لأن الرئيس الروسي بوتين أُجبر على الحرب بسبب استمرار، بل وتصاعد سياسة التطويق الغربية له بزعامة أميركية، حتى ضم حلف الأطلنطي أعضاء حلف وارسو قاعدة القوة للاتحاد السوفييتي في صراعه مع المعسكر الرأسمالي، بل لقد ضم الحلف بعض الجمهوريات السوفييتية التي أصبحت دولاً مستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وعندما وصل الأمر إلى الحديث الجاد عن ضم أوكرانيا ذات الرمزية الفائقة في التاريخ الروسي لحلف الأطلنطي رد بوتين في فبراير2022 بعمليته العسكرية في أوكرانيا، التي مازالت محتدمة حتى الآن.
ولم يكن ترامب ليتبع نفس السياسة تجاه روسيا التي كان رئيسها يحاول التوصل لتفاهم مع حلف الأطلنطي، ومن ثم كان تفادي الحرب ممكناً بالفعل، أما حديث ترامب عن قدرته على إنهاء الحرب فأمر مختلف وأكثر تعقيداً، وقد كتبت على هذه الصفحة في 28 يناير الماضي، أي بعد حوالي 10 أيام من بدء الولاية الثانية لترامب، مقالة بعنوان «عالم ترامب» أشرت فيها للتعقيدات المحيطة بوضع توجهات الرئيس الأميركي موضع التنفيذ، وبخصوص الحرب في أوكرانيا بالذات تحدثت عن أن التسوية فيها ستكون صعبة لأنها سوف تتضمن بالتأكيد عناصر غير مألوفة لن تكون تطبيقاً صريحاً لقواعد القانون الدولي المستقرة، بحكم أنها سوف توجد أوضاعاً جديدة تقبل تغيير حدود قائمة بحجج تاريخية أو سكانية، وغير ذلك من التعقيدات، ولكي يحدث هذا لابد أن يتفق عليه طرفا الصراع المباشرين، وليس مجرد رعاتهم الإقليميين أو العالميين، وهذه هي المعضلة.
أوكرانيا من المستحيل أن تقبل طواعية تغيير الحدود بينها وبين روسيا بحيث تدخل الأقاليم التي تسيطر عليها روسيا شرق أوكرانيا ضمن الأراضي الروسية، ولن يحدث ذلك إلا في حالة هزيمتها عسكرياً، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بسبب الدعم الغربي بزعامة الولايات المتحدة في ظل رئاسة بايدن، واستمرار هذا الدعم على الصعيد الأوروبي بعد سياسات ترامب الجديدة. والمحصلة أن أوكرانيا مازالت صامدة على أرض المعركة رغم عنف ما تتلقاه من ضربات، بل إنها أحياناً تقوم بعمليات موجعة لروسيا، ومن هنا تعقد عملية التوصل لتسوية للحرب الدائرة في أوكرانيا.
ومن دون اتفاق الأطراف الأصيلة يكون التوصل لتسوية مستحيلاً، فقد اتفقت مصر والسعودية مثلاً على إنهاء الحرب الأهلية في اليمن في أغسطس1965، لكن التوصل لتسوية لم يتم إلا بعد اتفاق الطرفين «الجمهوري» والملكي في 1970، ووقعت السعودية وإيران اتفاقاً في مارس 2023، وحتى الآن لم يتم التوصل لتسوية للأوضاع غير الشرعية الموجودة في صنعاء من 2014، وإذا استمر عجز الأطراف المباشرين في صراع ما عن التفاهم، فإن البديل يكون إما الحسم العسكري، أو تحول داخلي في أحد طرفيه يغير توجهاته وأهدافه، ومن ثم يخرجه من دائرة الصراع.

أخبار ذات صلة